الثلاثاء، 20 أبريل 2010

حيث يبدأ العدم ..............

حيث يبدأ العدم



"اختفى السرب التاسع عشر ، بقيادة الملازم (تشارلز تايلور) ، دون سابق إنذار، ولم يتم العثور على جناح طائرة واحدة منه .." .



كانت هذه هى الإشارة ، التى تلقاها قائد القوات الجوية الأمريكية ، من قاعدة (فورت لاديرديل) فى (فلوريدا) ، فى الثانية بقليل ، والتى كانت بمثابة قنبلة ذرية ثالثة ، يفوق تأثيرها فى نظر القيادة الأمريكية ، والعالم فيما بعد ، تأثير قنبلتى (هيروشيما) و (ناجازاكى) ..



لقد كانت إشارة البدء لواحد من أعقد وأعظم ألغاز العصر ، وكل العصور السابقة ..









لغز مثلث (برمودا) ..



ففى ذلك اليوم : 5 من ديسمبر 1945 ، انطلق سرب من الطائرات البحرية بقيادة (تشارلز تايلور) فى رحلة تدريبية ، وكل طائرة مجهزة بالقنابل ، ومملؤة بوقود يكفى طيرانها لآلاف الكيلو مترات ، وكانت الرياح شمالية شرقية معتدلة ، ودرجة الحرارة ملائمة ، وكل الأحوال الجوية والمناخية مثالية للطيران ..



وفى الثانية تماماً بدأت الرحلة التدريبية ، وراح (تشارلز) يرسل ملاحظاته لاسلكياً ، وطائرات سربه تتدرب على الانقضاض والقصف ، كما يحدث فى كل مرة وبدا كل شئ عادياً مألوفاً ..



وفجأة .. فى تمام الثالثة والربع ، تلقى برج المراقبة رسالة مضطربة من (تشارلز تايلور) يقول فيها :



- هناك شئ عجيب يحدث .. لم نعد على ما يرام .. لا يمكننا حتى أن نرى الأرض ..



وعندما سأله مراقبو الطيران عما يعنيه بهذا ، أجاب فى توتر :



- لست أدرى .. المحيط لا يبدو كما اعتدنا أن نراه .. وكل شئ تعطل .. البوصلة والدفة .. كل شئ .



وبعدها انقطع الاتصال بسرب الرحلة التاسعة عشرة تماماً ..



وتفجرت حالة ذعر عامة ، فى كل أفرع الجيش وقياداته ، فلقد انتهت الحرب العالمية الثانية منذ شهور قليلة ، وبـدأ الجميع استرخاءهم ، وبدا المستقبل مشرقاً ، ثم جاء هذا الاختفاء الغامض ليقلب كل شئ رأساً على عقب ..



وأصدر قائد القوات الجوية أوامره بضرورة البحث عن هذا السرب المفقود ، واستعادته بأى ثمن ..



وانطلقت السفينة الحربية (مارتن ماريز) لإنقاذ السرب المفقود ، ولكن ..



(مارتن ماريز) اختفت بدورها ..



تلاشت ، كما لو أن البحر قد انشق وبلعها ..



بل لم يبد هذا الاحتمال حتى منطقياً ؛ فلم تسفر عمليات البحث عن العثور على أدنى أثر لطاقمها ، أو حطام وركام أو حتى بقعة زيت ..



لقد تبخرت السفينة ، كما تبخر قبلها سرب (تشارلز تايلور) ..



ذهبوا جميعاً إلى العدم ، فى قلب مثلث الشيطان ..



وبدأت أسطورة مثلث (برمودا)



ومثلث (برمودا) هذا هو مثلث وهمى يقع فى غرب الأطلنطى ، ويمتد من (برمودا) شمالاً إلى (فلوريدا) جنوباً ، ويتجه شرقاً عبر جزر (البهاما) وغرباً حتى خط طول 540 ، ثم يعود إلى (برمودا) ..



والواقع أن حوادث الاختفاء فى مثلث (برمودا) لم تبدأ بحادثة سرب (تشارلز تايلور) ، وإنما هى حوادث قديمة ، يرجع تاريخ بعضها إلى القرون الوسطى ، ولكن قلة السجلات فى هذا العصر ، وقلة عدد الرحلات البحرية أعطتا انطباعاً بأن لغز (برمودا) لم يبدأ إلا فى عصرنا هذا ، فى حين أشار (كريستوفر كولمبس) إلى واقعة اختفاء لواحدة من سفنه هناك ..



وبعد واقعة (تشارلز تايلور) ، وسربه ، بدأت حوادث اختفاء أكثر إثارة ، أشهرها اختفاء سفينة الشحن (مارين سيلفركوين) التى يبلغ طولها 141 متراً ، والباخرة (سايكلوت) ، التى اختفت بكل ركابها ، البالغ عددهم 309 راكب ، وحمولتها البالغة تسعة عشر ألف طن ..



وفى عام 1948 م كانت طائرة جديدة من طراز (ستارتايجر) تعبر منطقة المثلث الغامض ، وعلى متنها طاقهما المكون من ستة أفراد ، وخمس وعشرين راكباً وكان كل شئ يسير على ما يرام ..



ثم اختفت (ستارتايجر) بغتة ..



وكانت هذه الحالة أكثر مدعاة للدهشة ؛ فلم ترسل (ستار تايجر) إشارة استغاثة واحدة ، بل كانت آخر رسالة واردة منها ، قبيل اختفائها بدقائق ، تؤكد أن الطقس جيد وكل شئ يسير على ما يرام ..



وتوالت حوادث اختفاء الطائرات والسفن فى مثلث (برمودا) ..



وبـدأت عمليات البحث العلمى ، والسعى لإيجـاد تفسير عملى منطقى لما يحدث ..



وخرجت عشرات النظريات ..



عالم بريطانى حاول تفسير هذا بقوة التيارات البحرية فى منطقة مثلث (برمودا) وقال إن هذه التيارات يمكن أن تصنع دوامة هائلة ، ذات قوة امتصاص رهيبة ، تبتلع كل ما يقترب منها من السفن ، وكل ما يطير فوقها من طائرات ..



ولكن أحداً لم يهتم بهذه النظرية ؛ إذ أنها لم تعط تفسيراً مناسباً لحوادث الاختفاء المباغتة ، ولا حتى للظواهر المصاحبة لها ، كما أن أحداً لم يسجل وجود تخلخل هوائى ، يشير إلى وجود هذه الدوامة المزعومة ..



ثم جاء الأمريكى (ولبرت ب . سميث) ، وقال إنه توجد مناطق تتلاشى فيها الجاذبية على كوكب الأرض ، مما يؤدى إلى اضطراب البوصلة ، وأجهزة الطيران، ولكن هذا أيضاً لم يفسر الأمر على نحو جيد ، مما جعل أحد العلماء يشير إلى نبوءة قديمة للعالم النفسانى ، والمتنبئ الشهير (إدجار كايس) ، الذى توفى عام 1944 م ، قبيل كشف واختراع أشعة الليزر .



ففى عام 1937 ، أشار (كايس) فى أثناء سقوطه فى غيبوبة عميقة ، إلى أن سكان قارة (أطلنطس) القديمة استخدموا الكريستال والياقوت لتوليد واستخراج الطاقة، وأن جزءً كبيراً من هذه الطاقة قد غرق مع قارتهم ، وأنه سيبقى فى الجزء الغربى من المحيط الأطلنطى ، ليفسد البوصلة ، وكل المعدات الحديثة فوق نقطة غرقه ..



ولم يكن أى مخلوق يعلم حتى هذا التاريخ أنه من الممكن توليد طاقة الليزر من الكريستال أو الياقوت ، أو عبرهما..



وهنا برز احتمال آخر ..



احتمال أن تكون (أطلنطس) هى السر ..



ولاقى هذا الاحتمال قبولاً من ذوى الخيال ، فى حين استنكره كل العلماء ، وكل دارسى غموض مثلث (برمودا) ..



ثم تفجرت أكبر قنبلة فى الموضوع ..



ففى حديث تليفزيونى عام 1974 قال أحد مراقبى المطار ، ممن عاصروا حادثة (تشارلز تايلور) أن القوات الجوية قد أخفت عبارة أرسلها (تايلور) نفسه، قبل اختفاء سربه تماماً ..



"لا تتبعونا .. يبدو أنهم من الفضاء الخارجى" ..



وكان هذا يقلب كل الأمور بالفعل ، ويضع احتمالاً جديداً لم يناقشه أحد من قبل..



احتمال أن تكون هذه الاختفاءات عمليات اختطاف من قبل مخلوقات من كوكب آخر ..



ومرة أخرى وجدت هذه الفكرة مؤيديها ومعارضيها ، ولكن أحداً من مسئولى القوات الجوية لم ينكر أو يستنكر هذه العبارة التى نسبت إلى (تشارلز تايلور) ، مما أيد موقف من يميلون إلى نظرية الاختطاف من الفضاء الخارجى ..



ولكن ماذا عن الذين نجوا من مثلث الرعب ؟ ..



ماذا رأوا ؟ ..



بم شعروا ؟ ..



ماذا قالوا ..



القبطان (هنرى) ملاح قديم فى الخامسة والخمسين من عمره ، قوى الجسد، ممشوق القوام ، يمتلك شركة للإنقاذ البحرى ، ويروى أنه كان يجر بسفينته يوماً باخرة كبيرة ، عندما أطاحت به فجأة سحابة كثيفة للغاية من الضباب ، وخيل له ولبحارته أن الأفق قد اختفى ، وأن السماء قد اختلطت بالماء ، بحيث لم تعد هناك اتجاهات ، وفقدت البوصلة وعيها ، وراحت تدور باتجاه عقارب الساعة فى جنون، وكانت المولدات كلها تعمل بأكثر طاقتها ، ولكنها لم تكن تعطى أية كهرباء، واختفت الباخرة التى يجرونها تماماً وإن بدا الحبل المربوط إليها مشدوداً عن آخره، وهناك مادة كالحليب تحيط بكل شئ ..



ثم اختفى كل هذا بغتة ، وبدا الأفق أخضر اللون لحظات ، وبعدها عاد كل شئ إلى طبيعته ..



ما الذى يعنيه هذا إذن ؟ ..



إن حادثة القبطان (هنرى) مجرد مثال ، وإن اتفقت أقواله مع أقوال وأوصاف العديدين ممن نجوا من هذا الرعب ، وممن شاء لهم القدر ألا يتحولوا إلى رقم آخر ، فى سجل المفقودين ، والضائعين فى هذا العدم ..



وما زال مثلث (برمودا) يحمل كل الغموض ..



حيث تختفى الطائرات ، والسفن ..



حيث يتلاشى البشر ..



وحيث يبدأ العدم ..


...............................





حيث يبدأ العدم د/نبيل فاروق





................................



http://bit.ly/aT5QBU

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق